فصل: باب ما طاوع الذي فعله على فعل

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الكتاب **


  باب ما تجيء فيه الفعلة

تريد بها ضربا من الفعل وذلك قولك‏:‏ حسن الطعمة‏.‏

وقتلته قتلة سوءٍ وبئست الميتة وإنما تريد الضرب الذي أصابه من القتل والضرب الذي هو عليه من الطعم‏.‏

ومثل هذا الركبة والجلسة والقعدة‏.‏

وقد تجيء الفعلة لا يراد بها هذا المعنى وذلك نحو الشدة والشعرة والدرية‏.‏

وقد قالوا‏:‏ الدرية‏.‏

وقالوا‏:‏ ليت شعري في هذا الموضع استخفافاً لأنه كثر في كلامهم كما قالوا‏:‏ ذهب بعذرتها وقالوا‏:‏ هو أبو عذرها لأن هذا أكثر وصار كالمثل كما قالوا‏:‏ تسمع بالمعيدي لا أن تراه لأنه مثل وهو أكثر في كلامهم من تحقير معدىٍّ في غير هذا المثل‏.‏

فإن حقرت معدىٌّ ثقلت الدال فقلت معيدىٌّ‏.‏

وتقول‏:‏ هو بزنته تريد أنه بقدره‏.‏

وتقول‏:‏ العدة كما تقول القتلة‏.‏

وتقول‏:‏ الضعة والقحة يقولون‏:‏ وقاحٌ بين القحة لا تريد شيئاً من هذا‏.‏

كما تقول‏:‏ الشدة والدرية والردة وأنت تريد الارتداد‏.‏

وإذا أردت المرة الواحدة من الفعل جئت به أبداً على فعلةٍ على الأصل لأن الأصل فعل‏.‏

فإذا قلت الجلوس والذهاب ونحو ذلك فقد ألحقت زيادةً ليست من الأصل ولم تكن في الفعل‏.‏

وليس هذا الضرب من المصادر لازماً بزيادته لباب فعل كلزوم الإفعال والاستفعال ونحوهما لأفعالهما‏.‏

فكان ماجاء على فعل أصله عندهم الفعل في المصدر فإذا جاءوا بالمرة جاءوا بها على فعلةٍ كما جاءوا بتمرةٍ على تمرٍ‏.‏

وذلك‏:‏ قعدت قعدةً وأتيت أتيةً‏.‏

وقالوا‏:‏ أتيته إتيانةً ولقيته لقاءةً واحدةً فجاءوا به على المصدر المستعمل في الكلام‏.‏

كما قالوا‏:‏ أعطى إعطاءةً واستدرج استدراجةً‏.‏

ونحو إتيانةٍ قليلٌ والاطراد على فعلةٍ‏.‏

وقالوا غزاةٌ فأرادوا عمل وجه واحد كما قيل‏:‏ حجةٌ يراد به عمل سنةٍ‏.‏

ولم يجيئوا به على الأصل ولكنه اسمٌ لذا‏.‏

وقالوا‏:‏ قنمةٌ وسهلكةٌن وخمطةٌ جعلوه اسماً لبعض الريح كالبنة والشهدة والعسلة ولم يرد به فعل فعلة‏.‏

  هذا باب نظائر ما ذكرنا من بنات الياء والواو التي الياء والواو منهن في موضع اللامات

قالوا‏:‏ رميته رمياً وهو رامٍ كما قالوا‏:‏ ضربته ضرباً وهو ضاربٌ ومثل ذلك‏:‏ مراه يمريه مرياً وطلاه يطليه طلياً وهو مارٍ وطالٍ‏.‏

وغزا يغزوه غزواً وهو غازٍ ومحاه يمحوه محوا وهو ماحٍ وقلاه يقلو قلواً وهو قالٍ‏.‏

وقالوا‏:‏ لقيته لقاءً كما قالوا‏:‏ سفدها سفاداً وقالوا‏:‏ اللقى كما قالوا النهوك‏.‏

وقالوا‏:‏ قليته فأنا أقليه قلىً كما قالوا‏:‏ شريته شرىً‏.‏

وقالوا‏:‏ لمي يلمى لمياً إذا اسودت شفته‏.‏

وقد جاء في هذا الباب المصدر على فعلٍ قالوا‏:‏ هديته هدىً ولم يكن هذا في غير هدىً وذلك لأن الفعل لا يكون مصدراً في هديت فصار هدىً عوضا منه‏.‏

وقالوا‏:‏ قليته قلىً وقريته قرىً فاشركوا بينهما في هذا فصار عوضا من الفعل في المصدر فدخل كل واحد منهما على صاحبه كما قالوا‏:‏ كسوةً وكسىً وجذوةٌ وجذىً وصوةٌ وصوىً لأن فعلٌ وفعلٌ أخوان‏.‏

ألا ترى أنك إذا كسرت على فعل فعلةً لم تزد على أن تحرك العين وتحذف الهاء‏.‏

وكذلك فعلةٌ في فعل فكل واحدٍ منهما أخٌ لصاحبه‏.‏

ألا ترى أنه إذا جمع كل واحد منهما بالتاء جاز فيه ما جاز في صاحبه إلا أن أول هذا مكسور وأول هذا مضموم فلما تقاربت هذه الأشياء دخل كل واحد منهما على صاحبه‏.‏

ومن العرب من يقول‏:‏ رشوةٌ ورشاً ومنهم من يقول‏:‏ رشوةٌ ورشاً وحبوةٌ وحباً والأصل رشاً‏.‏

وأكثر العرب يقول‏:‏ رشاً وكسىً وجذىً‏.‏

وقالوا‏:‏ شريته شرىً ورضيته رضىً‏.‏

فالمعتل يختص بأشياء وستراه فيما تستقبل إن شاء الله‏.‏

وقالوا‏:‏ عتا يعتو عتواًن كما قالوا خرج يخرج خروجاً وثبت ثبوتاً‏.‏

ومثله دنا يدنو دنواًن وثوى يثوي ثوياً ومضى يمضي مضياً وهو عاتٍ دانٍ وثاوٍ وماضٍ‏.‏

وقالوا‏:‏ نمى ينمي نماءً وبدا يبدو بداءً ونثا ينثو نثاءً وقضى يقضي قضاءً‏.‏

وإنما كثر الفعال في هذا كراهية الياءات مع الكسرة الواوات مع الضمة مع أنهم قد قالوا‏:‏ الثبات والذهاب‏.‏

فهذا نظير للمعتل‏.‏

وقد قالوا‏:‏ بدا يبدو بداً ونثا ينثو نثاً كما قالوا‏:‏ حلب يحلب حلباً سلب يسلب سلباً وجلب يجلب جلباً‏.‏

وقالوا‏:‏ جرى جرياً وعدا عدواً كما قالوا‏:‏ سكت سكتاً‏.‏

وقالوا‏:‏ زنى يزني زناً وسرى يسري سرىً والتقى فصارتا ههنا عوضاً من فعلٍ أيضاً فعلى هذا يجري المعتل الذي حرف الاعتلال فيه لام‏.‏

وقالوا‏:‏ السقاء والجناء كما قالوا‏:‏ الجلاس والعباد والنساك‏.‏

وقالوا‏:‏ بهو يبهو بهاءً وهو بهيٌّ مثل جمل جمالاً وهو جميل‏.‏

وقالوا‏:‏ سروا يسرو سرواً وهو سريٌّ كما قالوا‏:‏ ظرف يظرف ظرفاً وهو ظريفٌ‏.‏

وقالوا‏:‏ بذو يبذو بذاءً وهو بذيٌّ كما قالوا‏:‏ سقم سقاماً وهو سقيم وخبث وهو خبيثٌ‏.‏

وقالوا‏:‏ البذاء كما قالوا الشقاء‏.‏

وبعض العرب يقول‏:‏ بذيت كما تقول‏:‏ شقيت‏.‏

ودهوت دهاءً وهو دهيٌّ كما قالوا‏:‏ ظرفت وهو ظريفٌ‏.‏

وقالوا‏:‏ الدهاء كما قالوا‏:‏ سمح سماحاً‏.‏

وقالوا‏:‏ داهٍ كما قالوا‏:‏ عاقل‏.‏

ومثله في اللفظ عقر وعاقرٌ‏.‏

وقالوا‏:‏ دها يدهو وداهٍ كما قالوا‏:‏ عقل وعاقلٌ‏.‏

وقالوا‏:‏ دهيٌّ كما قالوا‏:‏ لبيبٌ‏.‏

  هذا باب نظائر ما ذكرنا من بنات الياء والواو التي الياء والواو فيهن عينات

تقول‏:‏ بعته بيعاً وكلته كيلاً فأنا أكيله وأبيعه وكائلٌ وبائعٌ كما قالوا‏:‏ ضربه ضرباً وهو ضاربٌ‏.‏

وقالوا‏:‏ زرته زيارةً وعدته عيادةً وحكته حياكةً كأنهم أرادوا الفعول ففروا إلى هذا كراهية الواوات والضمات‏.‏

وقد قالوا مع هذا‏:‏ عبده عبادةً فهذا نظير عمرت الدار عمارةً‏.‏

وقالوا‏:‏ خفته فأنا أخافه خوفاً وهو خائفٌ جعلوه بمنزلة لقمته فأنا ألقمه لقماً وهو لاقمٌ وجعلوا مصدره على مصدره لأنه وافقه في الفعل والتعدي‏.‏

وقالوا‏:‏ هبته فأنا أهابه هيبةً وهو هائبٌ كما قالوا‏:‏ خشيته وهو خاشٍ والمصدر خشيةٌ وهيبةٌ‏.‏

وقد قال بعض العرب‏:‏ هذا رجلٌ خافٌ شبهوه بفرقٍ وفزع إذ كان المعنى واحداً‏.‏

وقالوا‏:‏ نلته فأنا أناله نيلاً وهو نائل كما قالوا‏:‏ جرعه جرعاً وهو جارعٌ وحمده حمداً وهو حامدٌ‏.‏

وقالوا‏:‏ ذمته فأنا أذيمه ذاماً وعبته أعيبه عاباً كما قالوا‏:‏ سرقه يسرقه سرقا‏.‏

وقالوا‏:‏ عيباً‏.‏

وقالوا‏:‏ سؤته سوءاً وقته قوتاً وساءني سوءاً تقديره فعلاً كما قالوا‏:‏ شغلته شغلاً وهو شاغلٌ‏.‏

وقالوا‏:‏ عفته فأنا أعافه عيافةً وهو عائفٌ كما قالوا‏:‏ زدته زيادةً‏.‏

وبناء الفعل بناء نلت‏.‏

وقالوا‏:‏ سرته فأنا أسوره سؤوراً وهو سائرٌ‏.‏

وقالوا‏:‏ غرت فأنا أغور غؤوراً وهو غائرٌ كما قالوا‏:‏ جمد جموداً وهو جامدٌ وقعد قعوداً وهو قاعدٌ وسقط سقوطاً وهو ساقط‏.‏

وقالوا‏:‏ غرت في الشيء غؤوراً وغياراً إذا دخلت فيه كقولهم‏:‏ يغور في الغور‏.‏

وقال الأخطل‏:‏ لما أتوها بمصباحٍ ومبزلهم سارت إليهم سؤور الأبجل الضاري وقال العجاج‏:‏ ورب ذي سرادقٍ محجور سرت إليه في أعالي السور وقالوا‏:‏ غابت الشمس غيوباً وبادت تبيد بيوداً كما قالوا‏:‏ جلس يجلس جلوساً ونفر ينفر نفوراً‏.‏

وقالوا‏:‏ قام يقوم قياماً وصام يصوم صياماًن كراهية للفعول‏.‏

وقالوا‏:‏ آبت الشمس إياباً وقال بعضهم‏:‏ أؤوباً كما قالوا‏:‏ الغؤور والسؤور ونظيرها من غير المعتل الرجوع‏.‏

ومع هذا أنهم أدخلوا الفعال كما قالوا‏:‏ النفار والنفور وشب شباباً وشبوبا فهذا نظيره من العلة‏.‏

وقالوا‏:‏ ناح ينوح نياحةً وعاف يعيف عيافةً وقاف يقوف قيافة فراراً من الفعول‏.‏

وقالوا‏:‏ صاح صياحاً وغابت الشمس غيابا كراهية للفعول في بنات الياء كما كرهوا في بنات الواو‏.‏

وقالوا‏:‏ دام يدوم دواما وهو دائمٌ وزال يزول زوالاً وهو زائلٌ وراح يروح رواحا وهو رائحٌ كراهية للفعول‏.‏

وله نظائر أيضاً‏:‏ الذهاب والثبات‏.‏

وقالوا‏:‏ حاضت حيضا وصامت صوما وحال حولاً كراهية الفعول ولأن له نظيراً نحو سكت يسكت سكتا وعجز يعجز عجزاً ومثل ذلك مال يميل ميلاً‏.‏

فعىل ما ذكرت لك يجري المعتل الذي حرف الاعتلال فيه عينه‏.‏

وقالوا‏:‏ لعت تلاع لاعاً وهو لاعٌ كما قالوا‏:‏ جزع يجزع جزعاً وهو جزعٌ‏.‏

وقالوا‏:‏ دئت تداء داء وهو داءٌ فاعلم كا قالوا‏:‏ وجع يوجع وجعا وهو وجعٌ‏.‏

وقالوا‏:‏ لعت وهو لاعئٌ مثل بعت وهو بائعٌ ولاعٌ أكثر‏.‏

  هذا باب نظائر بعض ما ذكرنا من بنات الواو التي الواو فيهن فاءٌ

تقول‏:‏ وعدته فأنا أعده وعداً ووزنته فأنا أزنه وزناًن ووأدته فأنا أئده وأداً كما قالوا‏:‏ كسرته فأنا أكسره كسراً‏.‏

ولا يجيء في هذا الباب يفعل وسأخبرك عن ذلك إن شاء الله‏.‏

وإعلم أن ذا أصله على قتل يقتل وضرب يضرب فلما كان من كلامهم استثقال الواو مع الياء حتى قالوا‏:‏ ياجل ويبجل كانت الواو مع الضمة أثقل فصرفوا هذا الباب إلى يفعل فلما صرفوه إليه كرهوا الواو بين ياء وكسرةٍ إذ كرهوها مع ياء فحذفوها فهم كأنهم إنما يحذفونها من يفعل‏.‏

فعلى هذا بناء ما كان على فعل من هذا الباب‏.‏

وقد قال ناسٌ من العرب‏:‏ وجد يجد كأنهم حذفوها من يوجد وهذا لا يكاد يوجد في الكلام‏.‏

وقالوا‏:‏ ورد يرد وروداً ووجب يجب وجوباً كما قالوا‏:‏ خرج يخرج خروجاً وجلس يجلس جلوساً‏.‏

وقالوا‏:‏ وجل يوجل وهو وجلٌ فأتموها لأنها لا كسرة بعدها فلم تحذف فرقوا بينها وبين يفعل‏.‏

وقالوا‏:‏ وضؤ يوضؤ ووضع يوضع فأتموا ما كان على فعل كما أتموا ما كان على فعل لأنهم لم يجدوا في فعل مصرفاً إلى يفعل كما وجدوه في باب فعل نحو ضرب وقتل وحسب فلما لم يكن يدخله هذه الأشياء وجرى على مثالٍ واحد سلموه وكرهوا الحذف لئلا يدخل في باب ما يختلف يفعل منه فألزموه التسليم لذلك‏.‏

وقالوا‏:‏ ورم يرم وورع يرع ورعاً وورماً ويورع لغة ووغر صدره يغر ووحر يحر وحراً ووغراً ووجد يجد وجداً ويوغر ويوحر أكثر وأجود يقال يوغر ويوحر ولا يقال يورم وولي يلي أصل هذا يفعل فلما كانت الواو في يفعل لازمة وتستثقل صرفوه من باب فعل يفعل إلى باب يلزمه الحذف فشركت هذه الحروف وعد كما شركت حسب يحسب وأخواتها ضرب يضرب وجلس يجلس‏.‏

فلما كان هذا في غير المعتل كان في المعتل أقوى‏.‏

وأما ما كان من الياء فإنه لا يحذف منه وذلك قولك يئس ييئس ويسر ييسر ويمن ييمن وذلك أن الياء أخف عليهم ولأنهم قد يفرون من استثقال الواو ومع الياء إلى الياء في غير هذا الموضع ولا يفرون من الياء إلى الواو فيه وهي أخف‏.‏

وسترى ذلك إن شاء الله‏.‏

فلما كان أخف عليهم سلموه‏.‏

وزعموا أن بعض العرب يقول‏:‏ يئس يئس فاعلم فحذفوا الياء من يفعل لاستثقال الياءات ههنا مع الكسرات فحذف كما حذف الواو‏.‏

فهذه في القلة كيجد‏.‏

وإنما قل مثل يجد لأنهم كرهوا الضمة بعد الياء كما كرهوا الواو بعد الياء فيما ذكرت لك فكذلك ما هو منها فكانت الكسرة مع الياء أخف عليهم كما أن الياء مع الياء أخف عليهم في مواضع ستبين لك إن شاء الله من الواو‏.‏

وأما وطئت ووطىء يطأ ووسع يسع فمثل ورم يرم وومق يمق ولكنهم فتحوا يفعل وأصله الكسر كما قالوا‏:‏ قلع يقلع وقرأ يقرأ فتحوا جميع الهمزة وعامة بنات العين‏.‏

ومثله وضع يضع‏.‏

  باب افتراق فعلت وأفعلت في الفعل

للمعنى تقول‏:‏ دخل وخرج وجلس‏.‏

فإذا أخبرت أن غيره صيره إلى شيء من هذا قلت‏:‏ أخرجه وأدخله وأجلسه‏.‏

وتقول‏:‏ فزع وأفزعته وخاف وأخفته وجال وأجلته وجاء وأجأته فأكثر ما يكون على فعل إذا أردت أن غيره أدخله في ذلك يبنى الفعل منه على أفعلت‏.‏

ومن ذلك أيضاً مكث وأمكثته‏.‏

وقد يجيى الشيء على فعلت فيشرك أفعلت كها أنهما قد يشتركان في غير هذا وذلك قولك‏:‏ فرح وفرحته وإن شئت قلت أفرحته وغرم وغرمته وأغرمته إن شئت كما تقول‏:‏ فزعته وأفزعته‏.‏

وتقول‏:‏ ملح وملحته وسمعنا من العرب من يقول‏:‏ أملحته كما تقول‏:‏ أفزعته‏.‏

وقالوا‏:‏ ظرف وظرفته ونبل ونبلته ولا يستنكر أفعلت فيهما ولسكن هذا أكثر واستغني به‏.‏

ومثل أفرحت وفرحت‏:‏ أنزلت ونزلت قال الله عز وجل‏:‏ ‏"‏ لولا أنزل عليه آيةٌ من ربه قل إن الله وأما طردته فنحيته وأطردته‏:‏ جعلته طريداً هارباً وطردت الكلاب الصيد أي جعلت تنحيه‏.‏

ويقال طلعت أي بدوت وطلعت الشمس أي بدت‏.‏

وأطلعت عليهم أي هجمت عليهم‏.‏

وشرقت‏:‏ بدت وأشرقت‏:‏ أضاءت‏.‏

وأسرع‏:‏ عجل‏.‏

وأبطأ‏:‏ احتبس‏.‏

وأما سرع وبطؤ فكأنهما غريزة كقولك‏:‏ خف وثقل ولا تعديهما إلى شيء كما تقول‏:‏ طولت الأمر وعجلته‏.‏

وتقول‏:‏ فتن الرجل وفتنته وحزن وحزنته ورجع ورجعته‏.‏

وزعم الخليل أنك حيث قلت فتنته وحزنته لم ترد أن تقول‏:‏ جعلته حزيناً وجعلته فاتناً كما أنك حين قلت‏:‏ أدخلته أردت جعلته داخلاًن ولكنك أدرت أن تقول‏:‏ جعلت فيه حزناً وفتنةً فقلت فتنته كما قلت كحلته أي جعلت فيه كحلاً ودهنته جعلت فيه دهناً فجئت بفعلته على حدةٍ ولم ترد بفعلته ههنا تغيير قوله حزن وفتن‏.‏

ولو أردت ذلك لقلت أحزنته وأفتنته‏.‏

وفتن من فتنته كحزن من حزنته‏.‏

ومثل ذلك‏:‏ شتر الرجل وشترت عينه فإذا أردت تغيير شتر الرجل لم تقل إلا أشترته كما تقول‏:‏ فزع وأفزعته‏.‏

وإذا قال‏:‏ شترت عينه فهو لم يعرض لشتر الرجل فإنما جاء ببنناء على حدة‏.‏

فكل بناء مما ذكرت لك على حدةٍ‏.‏

كما أنك إذا قلت طردته فذهب فاللفظان مختلفان‏.‏

ومثل حزن وحزنته‏:‏ عورت عينه وعرتها‏.‏

وزعموا أن بعضهم يقول‏:‏ سودت عينه وسدتهأ وقد اختلفوا في هذا البيت لنصيبٍ فقال بعضهم‏:‏ سودت فلم أملك سوادي وتحته قميصٌ من القوهي بيضٌ بنائقه وقال بعضهم‏:‏ سدت يعني فعلت‏.‏

وقال بعض العرب‏:‏ أفتنت الرجل وأحزنته وأرجعته وأعورت عينه أرادوا جعلته حزيناً وفاتناًن فغيروا فعل كما فعلوا ذلك في الباب الأول‏.‏

وقالوا‏:‏ عورت عينه كما قالوا‏:‏ فرحته وكما قالوا‏:‏ سودته‏.‏

ومثل فتن وفتنته‏:‏ جبرت يده وجبرتها وركضت الدابة وركضتها ونزحت الركية ونزحتها وسار الدابة وسرتها‏.‏

وقالوا‏:‏ رجس الرجل ورجسته ونقص الدرهم ونقصته‏.‏

ومثله غاض الماء وغضته‏.‏

وقد جاء فعلته إذا أردت أن تجعله مفعلاً وذلك‏:‏ فطرته فأفطر وبشرته فأبشر‏.‏

وهذا النحو قليل‏.‏

فأما خطأته فإنما أردت سميته مخطئاً كما أنك حيث قلت‏:‏ فسقته وزنيته أي سميته بالزنا والفسق‏.‏

كما تقول‏:‏ حييته أي استقبلته بحياك الله كقولك‏:‏ سقيته ورعيته أي قلت له‏:‏ سقاك الله ورعاك الله كما قلت له يا فاسق‏.‏

وخطأته قلت له يا مخطىء‏.‏

ومثل هذا‏:‏ لحنته‏.‏

وقالوا‏:‏ أسقيته في معنى سقيته فدخلت على فعلت كما تدخل فعلت عليها يعني في فرحت ونحوها‏.‏

وقال ذو الرمة‏:‏ وقفت على ربعٍ لمية ناقتي فما زلت أبكي حوله وأخاطبه وأسقيه حتى كاد مما أبثه تكلمني أحجاره وملاعبه وتجيء أفعلته على أن تعرضه لأمر وذلك قولك‏:‏ أقتلته أي عرضته للقتل‏.‏

ويجيء مثل قبرته وأقبرته فقبرته‏:‏ دفنته وأقبرته‏:‏ جعلت له قبراً‏.‏

وتقول‏:‏ سقيته فشرب وأسقيته‏:‏ جعلت له ماءً وسقيا‏.‏

ألا ترى أنك تقول‏:‏ أسقيته نهراً‏.‏

وقال الخليل‏:‏ سقيته وأسقيته أي جعلت له ماءً وسقيا‏.‏

فسقيته مثل كسوته وأسقيته مثل ألبسته‏.‏

ومثله‏:‏ شفيته وأشفيته فشفيته‏:‏ أبرأته وأشفيته‏:‏ وهبت له شفاءً كما جعلت له قبراً‏.‏

وتقول‏:‏ أجرب الرجل وأنحز وأحال أي صار صاحب جربٍ وحيالٍ ونحازٍ في ماله‏.‏

وتقول لما أصابه‏:‏ هذا نحزٌ وجربٌ وحائلٌ للناقة‏.‏

ومثل ذلك‏:‏ مشدٌّ ومقطفٌ‏:‏ ومقوٍ أي صاحب قوةٍ وشدةٍ وقطافٍ في ماله‏.‏

ويقال‏:‏ قوي الدابة وقطف‏.‏

ومثل ذلك قول الرجل‏:‏ ألام الرجل أي صار صاحب لائمةٍ‏.‏

ومثل هذا قولهم‏:‏ أسمنت وأكرمت فاربط وألامت‏.‏

ومثل هذا أصرم النخل وأمضغ وأحصد الزرع وأجز النخل وأقطع أي قد استحق أن تفعل به هذه الأشياء كما استحق الرجل أن تلومه‏.‏

فإذا أخبرت أنك قد أوقعت به قلت‏:‏ قطعت وصرمت وجززت وأشباه ذلك‏.‏

وقالوا‏:‏ حمدته أي جزيته وقضيته حقه فأما أحمدته فتقول وجدته مستحقاً للحمد مني فإنما تريد أنك استبنته محموداً كما أن أقطع النخل استحق القطع وبذلك استنبت أنه استحق الحمد كما تبين لك النخل وغيره فكذلك استبنته فيه‏.‏

وقالوا‏:‏ أراب كما قالوا‏:‏ ألام أي صار صاحب ريبةٍ كما قالوا‏:‏ ألام أي استحق أن يلام‏.‏

وأما رابني فإنه يقول‏:‏ جعل لي ريبةً كما تقول‏:‏ قطعت النخل أي أوصلت إليه القطع واستعملته فيه‏.‏

ومثل ذلك‏:‏ أبقت المرأة وأبق الرجل وبقت ولداً وبققت كلاماً كقولك‏:‏ نثرت ولداً ونثرت كلاماً‏.‏

ومثل المجرب والمقطف‏:‏ المعسر والموسر والمقل‏.‏

وأما عسرة فتقول ضيقت عليه ويسرته‏:‏ تقول وسعت عليه‏.‏

وقد يجيء فعلت وأفعلت المعنى فيهما واحد إلا أن اللغتين اختلفتا‏.‏

زعم ذلك الخليل‏.‏

فيجيء به قوم على فعلت ويلحق قوم فيه الألف فيبنونه على أفعلت‏.‏

كما أنه قد يجيء الشيء على أفعلت لا يستعمل غيره وذلك قلته البيع وأقلته وشغله وأشغله وصر أذنيه وأصر أذنيه وبكر وأبكر وقالوا‏:‏ بكر فأدخلوه مع أبكر وبكر كأبكر فقالوا أبكر كما قالوا‏:‏ أدنف الرجل فبنوه على أفعل وهو من الثلاثة ولم يقولوا‏:‏ دنف كما قالوا‏:‏ مرض‏.‏

وأبكر كبكر‏.‏

وكما قالوا‏:‏ أشكل أمرك‏.‏

وقالوا‏:‏ حرثت الظهر واحرثته‏.‏

ومثل أدنفت‏:‏ أصبحنا وأمسينا وأسحرنا وأفجرنا شهوه بهذه التي تكون في الأحيان‏.‏

ومثل ذلك‏:‏ نعم الله بك عيناً وأنعم الله بك وزلته من مكانه وأزلته‏.‏

وتقول‏:‏ غفلت أي صرت غافلاً وأغفلت إذا أخبرت أنك تركت شيئاً ووصلت غفلتك إليه‏.‏

وإن شئت قلت‏:‏ غفل عنه فاجتزأت بعنه عن أغفلته لأنك إذا قلت عنه فقد أخبرت بالذي وصلت غفلتك إليه‏.‏

ومثل هذا‏:‏ لطف به وألطف غيره ولطف به كغفل عنه وألطفه كأغفله‏.‏

ومثل ذلك بصر وما كان بصيراً وأبصره إذا أخبر بالذي وقعت رؤيته عليه‏.‏

وقد يجيء فعلت وأفعلت في معنى واحدٍ مشتركين كما جاء فيما صيرته فاعلاً ونحوه وذلك وعزت إليه وأوعزت إليه وخبرت وأخبرت وسميت وأسميت‏.‏

وقد يجيئان مفترقين مثل علمته وأعلمته فعلمت‏:‏ أدبت وأعلمت‏:‏ آذنت وآذنت‏:‏ أعلمت وأذنت‏:‏ النداء والتصويت بإعلانٍ‏.‏

وبعض العرب يجري أذنت وآذنت مجرى سميت وأسميت‏.‏

وتقول‏:‏ أمرضته أي جعلته مريضاً ومرضته أي قمت عليه ووليته‏.‏

ومثله أقذيت عينه أي جعلتها قذيةً وقذيتها‏:‏ نظفتها‏.‏

وتقول‏:‏ أكثر الله فينا مثلك أي أدخل الله فينا كثيراً مثلك وتقول للرجل‏:‏ أكثرت أي جئت بالكثير وأما كثرت فأن تجعل قليلاً كثيراً وكذلك قللت وكثرت‏.‏

وإذا جاء بقليلٍ قلت‏:‏ أقللت وأوتحت‏.‏

وتقول‏:‏ أقللت وأكثرت أيضاً في معنى قللت وكثرت‏.‏

وتقول‏:‏ أصبحنا وأمسينا وأسحرنا وأفجرنا وذلك إذا صرت في حين صبحٍ ومساءٍ وسحرٍ وأما صبحنا ومسينا وسحرنا فتقول‏:‏ أتيناه صباحاً ومساءً وسحراً ومثله بيتناه‏:‏ أتيناه بياتا‏.‏

وما بني على يفعل‏:‏ يشجع ويجبن ويقوى أي يرمى بذلك ومثله قد شنع الرجل أي رمي بذلك وقيل له‏.‏

وقالوا‏:‏ أغلقت الباب وغلقت الأبواب حين كثروا العمل وسترى نظير ذلك في باب فعلت إن ما زلت أغلق أبواباً وأفتحها حتى أتيت أبا عمرو بن عمار ومثل غلقت وأغلقت أجدت وجودت وأشباهه‏.‏

وكان أبو عمرو أيضاً يفرق بين نزلت وأنزلت‏.‏

ويقال أبان الشيء نفسه وأبنته واستبان واستبنته والمعنى واحدٌ وذا هاهنا بمنزلة حزن وحزنته في فعلت وكذلك بين وبينته‏.‏

  باب دخول فعلت على فعلت لا يشركه في ذلك أفعلت

تقول‏:‏ كسرتها وقطعتها فإذا أردت كثرة العمل قلت‏:‏ كسرته وقطعته ومزقته‏.‏

ومما يدلك على ذلك قولهم‏:‏ علطت البعير وإبلٌ معلطةٌ وبعيرٌ معلوطٌ‏.‏

وجرحته وجرحتهم‏.‏

وجرحته‏:‏ أكثرت الجراحات في جسده‏.‏

وقالوا‏:‏ ظل يفرسها السبع ويؤكلها إذا أكثر ذلك فيها‏.‏

وقالوا‏:‏ موتت وقومت إذا أردت جماعة الإبل وغيرها‏.‏

وقالوا‏:‏ يجول أي يكثر الجولان ويطوف أي يكثر التطويف‏.‏

واعلم أن التخفيف في هذا جائز كله عربي إلا أن فعلت إدخالها ههنا لتبيين الكثير‏.‏

وقد يدخل في هذا التخفيف كما أن الركبة والجلسة قد يكون معناهما في الركوب والجلوس ولكن بينوا بها هذا الضرب فصار بناءً له خاصاً كما أن هذا بناءٌ خاصٌّ للتكثير وكما أن الصوف والريح قد يكون فيه معنى صوفةٍ ورائحة‏.‏

قال الفرزدق‏:‏ ما زلت أفتح أبواباً وأغلقها حتى أتيت أبا عمرو بن عمار وفتحت في هذا أحسن كما أن قعدة في ذلك أحسن‏.‏

وقد قال جل ذكره‏:‏ ‏"‏ جنات عدنٍ مفتحةً لهم الأبواب ‏"‏ وقال تعالى‏:‏ ‏"‏ وفجرنا الأرض عيوناً ‏"‏‏.‏

فهذا وجه فعلت وفعلت مبيناً في هذه الأبواب وهكذا صفته‏.‏

  باب ما طاوع الذي فعله على فعل

وهو يكون على انفعل وافتعل وذلك قولك‏:‏ كسرته فانكسر وحطمته فانحطم وحسرته فانحسرن وشويته فانشوى وبعضهم يقول‏:‏ فاشتوى‏.‏

وغممته فاغتم وانغم عربية‏.‏

وصرفته فانصرف وقطعته فانقطع‏.‏

ونظير فعلته فانفعل وافتعل‏:‏ أفعلته ففعل نحو أدخلته فدخل وأخرجته فخرج ونحو ذلك‏.‏

وربما استغني عن انفعل في هذا الباب فلم يستعمل وذلك قولهم‏:‏ طردته فذهب ولا يقولون‏:‏ فانطرد ولا فاطرد‏.‏

يعني أنهم استغنوا عن لفظه بلفظ غيره إذ كان في معناه‏.‏

ونظير هذا فعلته فتفعل نحو كسرته فتكسر وعشيته فتعشى وغديته فتغدى‏.‏

وفي فاعلته فتفاعل وذلك نحو ناولته فتناول وفتحت التاء لأن معناه معنى الانفعال والافتعال قال يقول معناه معنى يتفعل في فتحة الياء في المضارع‏.‏

كذلك تقول‏:‏ تناول يتناول فتفتح الياء ولا تكون مضمومة كما كانت يناول لأن المعنى للمطاوعة معنى انفعل وافتعل‏.‏

ونظير ذلك في بنات الأربعة على مثال تفعلل نحو دحرجته فتدحرج وقلقلته فتقلقل ومعددته فتمعدد وصعررته فتصعرر‏.‏

وأما تقيس وتنزر وتتمم فإنما يجري على نحو كسرته فتكسر وكذلك كل شيء جاء على زنة فعلله عدد حروفه أربعة أحرف ما خلا أفعلت فإنه لم يلحق ببنات الأربعة‏.‏

  باب ما جاء فعل منه على غير فعلته

وذلك نحو‏:‏ جن وسل وزكم وورد‏.‏

وعلى ذلك قالوا‏:‏ مجنونٌ ومسلولٌ ومزكومٌ ومحمومٌ ومورودٌ‏.‏

وإنما جاءت هذه الحروف على جننته وسللته وإن لم يستعمل في الكلام كما أن يدع على ودعت ويذر على وذرت وإن لم يستعملا استغني عنهما بتركت واستغني عن قطع بقطع‏.‏

وكذلك استغني عن جننت ونحوها بأفعلت‏.‏

فإذا قالوا جن وسل فإنما يقولون جعل فيه الجنون والسل‏.‏

كما قالوا‏:‏ حزن وفسل ورذل‏.‏

وإذا قالوا‏:‏ جننت فكأنهم قالوا جعل فيك جنونٌ كما أنه إذا قال أقبرته فإنما يقول‏:‏ وهبت له قبراً وجعلت له قبرا‏.‏

وكذلك أحزنته وأحببته‏.‏

فإذا قلت محزونٌ ومحبوبٌ جاء على غير أحببت‏.‏

وقد قال بعضهم‏:‏ حببت فجاء به على القياس‏.‏

  باب دخول الزيادة في فعلت للمعاني

ومثل ذلك‏:‏ ضاربته وفارقته وكارمته وعازني وعاززته وخاصمني وخاصمته‏.‏

فإذا كنت أنت فعلت قلت‏:‏ كارمني فكرمته‏.‏

واعلم أن يفعل من هذا الباب على مثال يخرج نحو عازني فعززته أعزه وخاصمني فخصمته أخصمه وشاتمني فشتمته أشتمه‏.‏

وتقول‏:‏ خاصمني فخصمته أخصمه‏.‏

وكذلك جميع ما كان من هذا الباب إلا ما كان من الياء مثل رميت وبعت وما كان من باب وعد فإن ذلك لا يكون إلا على أفعله لأنه لا يختلف ولا يجيء إلا على يفعل‏.‏

وليس في كل شيء يكون هذا‏.‏

ألا ترى أنك لا تقول نازعني فنزعته استغني عنها بغلبته وأشباه ذلك‏.‏

وقد تجيء فاعلت لا تريد بها عمل اثنين ولكنهم بنوا عليه الفعل كما بنوه على أفعلت وذلك قولهم‏:‏ ناولته وعاقبته وعافاه الله وسافرت وظاهرت عليه وناعمته‏.‏

بنوه على فاعلت كما بنوه على أفعلت‏.‏

ونحو ذلك‏:‏ ضاعفت وضعفت مثل ناعمت ونعمت فجاءوا به على مثال عاقبته‏.‏

وتقول‏:‏ تعاطينا وتعطينا فتعاطينا من اثنين وتعطينا بمنزلة غلقت الأبواب أراد أن يكثر العمل‏.‏

وأما تفاعلت فلا يكون إلا وأنت تريد فعل اثنين فصاعداً ولا يجوز أن يكون معملاً في مفعولٍ ففي تفاعلنا يلفظ بالمعنى الذي كان في فاعلته‏.‏

وذلك قولك‏:‏ تضاربنا وترامينا وتقاتلنا‏.‏

وقد يشركه افتعلنا فتريد بهما معنىً واحدا وذلك قولهم‏:‏ تضاربوا واضطربوا وتقاتلوا واقتتلوا وتجاوروا واجتوروا وتلاقوا والتقوا‏.‏

وقد يجيىء تفاعلت على غير هذا كما جاء عاقبته ونحوها لا تريد بها الفعل من اثنين‏.‏

وذلك قولك‏:‏ تماريت في ذلك وتراءيت له وتقاضيته وتعاطيت منه أمراً قبيحاً‏.‏

وقد يجيىء تفاعلت ليريك أنه في حالٍ ليس فيها‏.‏

من ذلك‏:‏ تغافلت وتعاميت وتعاييت وتعاشيت وتعارجت وتجاهلت‏.‏

قال‏:‏ إذا تخازرت وما بي من خزر فقوله‏:‏ وما بي من خزر يدلك على ما ذكرنا‏.‏

وقالوا‏:‏ تذاءبت الريح وتناوحت وتذأبت كما قالوا‏:‏ تعطينا وتقديرها‏:‏ تذعبت وتذاعبت‏.‏

باب استفعلت تقول‏:‏ استجدته أي أصبته جيداً واستكرمته أي أصبته كريماً‏.‏

واستعظمته أي أصبته عظيماً واستسمنته أي أصبته سميناً‏.‏

وقد يجيىء استفعلت على غير هذا المعنى كما جاء تذاءبت وعاقبت تقول‏:‏ استلأم واستخلف لأهله كما تقول أخلف لأهله المعنى واحد‏.‏

وتقول‏:‏ استعطيت أي طلبت العطية واستعتبته أي طلبت إليه العتبى‏.‏

ومثل ذلك استفهمت واستخبرت أي طلبت إليه أن يخبرني ومثله‏:‏ استثرته‏.‏

وتقول‏:‏ استخرجته أي لم أزل أطلب إليه حتى خرج‏.‏

وقد يقولون‏:‏ اخترجته شبهوه بافتعلته وانتزعته‏.‏

وقالوا‏:‏ قر في مكانه واستقر كما يقولون‏:‏ جلب الجرح وأجلب يريدون بهما شيئاً واحداً كما بني ذلك على أفعلت بني هذا على استفعلت‏.‏

وأما استحقه فإنه يكون طلب حقه وأما استخفه فإنه يقول طلب خفته‏.‏

وكذلك استعمله أي طلب إليه العمل وكذلك استعجلت ومر مستعجلاً أي مر طالباً ذاك من نفسه متكلفاً إياه‏.‏

وأما علا قرنه واستعلاه فإنه مثل قر واستقر وقالوا في التحول من حالٍ إلى حال هكذا وذلك قولك‏:‏ استنوق الجمل واستتيست الشاة‏.‏

وإذا أراد الرجل أن يدخل نفسه في أمرٍ حتى يضاف إليه ويكون من أهله فإنك تقول‏:‏ تفعل وذلك تشجع وتبصر وتحلم وتجلد وتمرأ وتقديرها تمرع أي صار ذا مروءة وقال حاتم تحلم عن الأدنين واستبق ودهم ولن تستطيع الحلم حتى تحلما وليس هذا بمنزلة تجاهل لأن هذا يطلب أن يصير حليما‏.‏

وقد يجيء تقيس وتنز وتعرب على هذا‏.‏

وقد دخل استفعل ههنا قالوا‏:‏ تعظم واستعظم وتكبر واستكبر‏.‏

كما شاركت تفاعلت تفعلت الذي ليس في هذا المعنى ولكنه استثباتٌ وذلك قولهم‏:‏ تيقنت واستيقنت وتبينت واسبنت‏:‏ وتثبت واستثبت‏.‏

ومثل ذلك - يعني تحلم - تقعدته أي ريثته عن حاجته وعقته‏.‏

ومثله‏:‏ تهيبني كذا وكذا وتهيبتني البلاد وتكاءدني ذاك الأمر تكاؤداً أي شق علي‏.‏

وأما قوله‏:‏ تنقصته وتنقصني فكأنه الأخذ من الشيء الأول فالأول‏.‏

وأما تفهم وتبصر وتأمل فاستثباتٌ بمنزلة تيقن‏.‏

وقد تشركه استفعل نحو استثبت‏.‏

وأما يتجرعه ويتحساه ويتفوقه فهو يتنقصه لأنه ليس من معالجتك الشيء بمرة ولكنه في مهلةٍ‏.‏

وأما تعقله فهو نحو تقعده لأنه يريد أن يختله عن أمرٍ يعوقه عنه‏.‏

ويتملقه نحو ذلك لأنه إنما وقال‏:‏ تظلمني أي ظلمني مالي فبناه في هذا الموضع على تفعل كما قالوا‏:‏ جزته وجاوزته وهو يريد شيئاً واحداً وقلته وأقلته ولقته وألقته وهو إذا لطخته بالطين وألقت الدواة ولقتها‏.‏

وأما تهيبه فإنه حصرٌ ليس فيه معنى شيءٍ مما ذكرنا كما أنك تقول استعليته لا تريد إلا معنى علوته‏.‏

وأما تخوفه فهو أن يوقع أمراً يقع بك فلا تأمنه في حالك التي تكلمت فيها أن يوقع أمراً‏.‏

وأما خافه فقد يكون وهو لا يتوقع منه في تلك الحال شيئاً‏.‏

وأما تخونته الأيام فهو تنقصته وليس في تخونته من هذه المعاني شيءٌ كما لم يكن في تهيبه‏.‏

وأما يتسمع ويتحفظ فهو يتبصر‏.‏

وهذه الأشياء نحو يتجرع ويتفوق لأنها في مهلة‏.‏

ومثل ذلك تخيره‏.‏

وأما التعمج والتعمق فنحوٌ من هذا‏.‏

والتدخل مثله لأنه عملٌ بعد عملٍ في مهلة‏.‏

وأما تنجز حوائجه واستنجز فهو بمنزلة تيقن واستيقن في شركة استفعلت‏.‏

فالاستثبات والتقعد والتنقص والتنجز وهذا النحو كله في مهلة وعمل بعد عمل‏.‏

وقد بينا ما ليس مثله في تفعل‏.‏

تقول‏:‏ اشتوى القوم أي اتخذوا شواءً‏.‏

وأما شويت فكقولك‏:‏ أنضجت‏.‏

وكذلك اختبز وخبز واطبخ وطبخ واذبح وذبح‏.‏

فأما ذبح فمبنزلة قوله قتله وأما ذبح فبمنزلة اتخذ ذبيحةً‏.‏

وقد يبنى على افتعل ما لا يراد به شيء من ذلك كما بنوا هذا على أفعلت وغيره من الأبنية وذلك افتقر واشتد فقالوا هذا كما قالوا استلمت فبنوه على افتعل كما بنوا هذا على أفعل‏.‏

وأما كسب فإنه يقول أصاب وأما اكتسب فهو التصرف والطلب‏.‏

والاجتهاد بمنزلة الاضطراب‏.‏

وأما قولك‏:‏ حبسته فبمنزلة قولك‏:‏ ضبطته وأما احتبسته فقولك‏:‏ اتخذته حبيساً كأنه مثل شوى واشتوى‏.‏

وقالوا‏:‏ ادخلوا واتلجوا يريدون يتدخلون ويتولجون‏.‏

وقالوا‏:‏ قرأت واقترأت يريدون شيئاً واحداً كما قالوا‏:‏ علاه واستعلاه‏.‏

ومثله خطف واختطف‏.‏

وأما انتزع فإنما هي خطفة كقولك استلب وأما نزع فإنه تحويلك إياه وإن كان على نحو الاستلاب‏.‏

وكذلك قلع واقتلع وجذب اجتذب بمعنىً واحدٍ‏.‏

وأما اصطب الماء فبمنزلة اشتوه كأنه قال‏:‏ اتخذه لنفسك‏.‏

يعرضن إعراضاً لدين المفتن

  باب افعوعلت وما هو على مثاله مما لم نذكره

قالوا‏:‏ خشن وقالوا‏:‏ اخشوشن‏.‏

وسألت الخليل فقال‏:‏ كأنهم أرادوا المبالغة والتوكيد كما أنه إذا قال‏:‏ اعشوشبت الأرض فإنما يريد أن يجعل ذلك كثيراً عاماً قد بالغ‏.‏

وكذلك احلولى‏.‏

وربما بني عليه الفعل فلم يفارقه كما أنه قد يجيء الشيء على أفعلت وافتعلت ونحو ذلك لا يفارقه بمعنى ولا يستعمل في الكلام إلا على بناء فيه زيادة‏.‏

ومثل ذلك‏:‏ اقطر النبت واقطار النبت لم يستعمل إلا بالزيادة وابهار الليل وارعويت واجلوذت واعلوطت من نحو اذلولى‏.‏

والجوذ واعلوط إذا جدبه السير‏.‏

واقطار النبت إذا ولى وأخذ يجف‏.‏

وابهار الليل إذا كثرت ظلمته وإبهار القمر إذا كثر ضوءه‏.‏

واعلوطته إذا ركبته بغير سرج‏.‏

واعروريت الفلو إذا ركبته عرياً وكذلك البعير‏.‏

ونظير اقطار من بنات الأربعة‏:‏ اقشعرت واشمأززت‏.‏

وأما اسحنكك‏:‏ اسود فبمنزلة اذلولى‏.‏

وأرادوا بافعنلل أن يبلغوا به بناء احرنجم كما أرادوا بصعررت بناء دحرجت‏.‏

فكذلك هذه الأبواب فعلى نحو ما ذكرت لك فوجهها‏.‏

  باب ما لا يجوز فيه فعلته

إنما هي أبنيةٌ بنيت لا تعدى الفاعل كما أن فعلت لا يتعدى إلى مفعول فكذلك هذه الأبنية التي فيها الزوائد‏.‏

فمن ذلك انفعلت ليس في الكلام انفعلته نحو انطلقت وانكمشت وانجردت وانسللت‏.‏

وهذا موضعٌ قد يستعمل فيه انفعلت وليس مما طاوع فعلت نحو كسرته فانكسر ولا يقولون في ذا‏:‏ طلقته فانطلق ولكنه بمنزلة ذهب ومضى كما أن افتقر بمنزلة ضعف‏.‏

وأي المعنيين عنيت فإنه لا يجيء فيه انفعلته‏.‏

وليس في الكلام احرنجمته لأنه نظير انفعلت في بنات الثلاثة زادوا فيه نونا وألف وصل كما زادوهما في هذا‏.‏

وكذلك‏:‏ افعنللت لأنهم أرادوا أن يبلغوا به احرنجمت‏.‏

وليس في الكلام افعنللته وافعلنليته ولا افعاللته ولا افعللته وهو نحو احمررت واشهاببت‏.‏

ونظير ذلك من بنات الأربعة‏:‏ اطمأننت واشمأززت لم نسمعهم قالوا‏:‏ فعلته في هذا الباب‏.‏

فلما أتى عامان بعد انفصاله عن الضرع واحلولى دماناً يرودها وكذلك افعول قالوا‏:‏ اعلوطته‏.‏

وكذلك فعللته صعررته لأنهم أرادوا بناء دحرجته‏.‏

وقال‏:‏ سودٌ كحب الفلفل المصعرر وكذلك فوعلته مفوعلةً نحو مكوكبة لأنهم أرادوا بناء بنات الأربعة فجعلوا من هذه التي هي ذات زوائد أبنية الأربعة وهي أقل مما يتعدى من ذوات الزوائد كما أن ما لا يتعدى من فعلت وفعلت أقل‏.‏

وإنما كان هذا أكثر لأنهم يدخلون المفعول في الفعل ويشغلونه به كما يفعلون ذلك بالفاعل فكما لم يكن للفعل بدٌّ من فاعل يعمل فيه كذلك أرادوا أن يكثر المفعول الذي يعمل فيه‏.‏

وقالوا‏:‏ اعروريت الفلو واعروريت منى أمراً قبيحاً كما قالوا‏:‏ احلولى ذلك‏.‏

فذلك في موضع المفعول‏.‏

  باب مصادر ما لحقته الزوائد من الفعل من بنات الثلاثة

فالمصدر على أفعلت إفعالاً أبداً‏.‏

وذلك قولك‏:‏ أعطيت إعطاءً وأخرجت إخراجاً‏.‏

وأما افتعلت فمصدره عليه افتعالاً وألفه موصولةٌ كما كانت موصولةً في الفعل وكذلك ما كان على مثاله‏.‏

ولزوم الوصل ههنا كلزوم القطع في أعطيت‏.‏

وذلك قولك‏:‏ احتبست احتباساً وانطلقت انطلاقاً لأنه على مثاله ووزنه واحمررت احمراراً‏.‏

فأما استفعلت فالمصدر عليه الاستفعال‏.‏

وكذلك ما كان على زنته ومثاله يخرج على هذا الوزن وهذا المثال كما خرج ما كان على مثال افتعلت‏.‏

وذلك قولك‏:‏ استخرجت استخراجاً واستصعبت استصعاباً واشهاببت اشهيباباً واقعنست اقعنساساً واجلوذت اجلواذاً‏.‏

وأما فعلت فالمصدر منه على التفعيل جعلوا التاء التي في أوله بدلاً من العين الزائدة في فعلت وجعلت الياء بمنزلة ألف الإفعال فغيروا أوله كما غيروا آخره‏.‏

وذلك قولك‏:‏ كسرته تكسيراً وعذبته تعذيباً‏.‏

وقد قال ناسٌ‏:‏ كلمته كلاماً وحملته حمالاً أرادوا أن يجيئوا به على الإفعال فكسروا أوله وألحقوا الألف قبل آخر حرفٍ فيه ولم يريدوا أن يبدلوا حرفاً مكان حرف ولم يحذفوا كما أن مصدر أفعلت واستفعلت جاء فيه جميع ما جاء في استفعل وأفعل من الحروف ولم يحذف ولم يبدل منه شيءٌ‏.‏

وقد قال الله عز وجل‏:‏ ‏"‏ وكذبوا بآياتنا كذاباً ‏"‏‏.‏

وأما مصدر تفعلت فإنه التفعل جاءوا فيه بجميع ما جاء في تفعل وضموا العين لأنه ليس في الكلام اسم على تفعلٍ ولم يلحقوا الياء فيلتبس بمصدر فعلت ولا غير الياء لأنه أكثر من من ذلك قولك‏:‏ تكلمت تكلماً وتقولت تقولاً‏.‏

وأما الذين قالوا‏:‏ كذاباً فإنهم قالوا‏:‏ تحملت تحمالاً أرادوا أن يدخلوا الألف كما أدخلوها في أفعلت واستفعلت وأرادوا الكسر في الحرف الأول كما كسروا أول إفعالٍ واستفعال ووفروا الحروف فيه كما وفروهما فيهما‏.‏

وأما فاعلت فإن المصدر منه الذي لا ينكسر أبداً‏:‏ مفاعلةٌ جعلوا الميم عوضاً من الألف التي بعد أول حرف منه والهاء عوضٌ من الألف التي قبل آخر حرف وذلك قولك‏:‏ جالسته مجالسةً وقاعدته مقاعدةً وشاربته مشاربةً وجاء كالمفعول لأن المصدر مفعول‏.‏

وأما الذين قالوا هذا فقالوا‏:‏ جاءت مخالفةً الأصل كفعلت وجاءت كما يجيء المفعل مصدراً والمفعلة إلا أنهم ألزموها الهاء لما فروا من الألف التي في قيتالٍ وهو الأصل‏.‏

وأما الذين قالوا‏:‏ تحملت تحمالاً فإنهم يقولون‏:‏ قاتلت قيتالاً فيوفرن الحروف ويجيئون به على مثال إفعالٍ وعلى مثال قولهم كلمته كلاماً‏.‏

وقد قالوا‏:‏ ماريته مراءً وقاتلته قتالاً‏.‏

وجاء فعالٌ على فاعلت كثيراً كأنهم حذفوا الياء التي جاء بها أولئك في قيتالٍ ونحوها‏.‏

وأما المفاعلة فهي التي تلزم ولا تنكسر كلزوم الاستفعال استفعلت‏.‏

وأما تفاعلت فالمصدر التفاعل كما أن التفعل مصدر تفعلت لأن الزنة وعدة الحروف واحدة وتفاعلت من فاعلت بمنزلة تفعلت من فعلت وضموا العين لئلا يشبه الجمع ولم يفتحوا لأنه ليس في الكلام تفاعلٌ في الأسماء‏.‏

  باب ما جاء المصدر فيه على غير الفعل

لأن المعنى واحد وذلك قولك‏:‏ اجتوروا تجاوراً تجاوروا اجتواراً لأن معنى اجتوروا وتجاوروا واحد‏.‏

ومثل ذلك‏:‏ انكسر كسراً وكسر انكساراً لأن معنى كسر وانكسر واحد‏.‏

وقال الله تبارك وتعالى‏:‏ ‏"‏ والله أنبتكم من الأرض نباتاً ‏"‏ لأنه إذا قال‏:‏ أنبته فكأنه قال‏:‏ قد نبت وقال عز وجل‏:‏ ‏"‏ وتبتل إليه تبتيلاً ‏"‏ لأنه إذا قال تبتل فكأنه قال‏:‏ بتل‏.‏

وزعموا أن في قراءة ابن مسعود‏:‏ ‏"‏ وأنزل الملائكة تنزيلاً ‏"‏ لأن معنى أنزل ونزل واحد‏.‏

وقال القطامي‏:‏ وخير الأمر ما استقبلت منه وليس بأن تتبعه اتباعا لأن تتبعت واتبعت في المعنى واحد وقال رؤبة‏:‏ وقد تطويت انطواء الحضب لأن معنى تطويت وانطويت واحد ومثل هذه الأشياء‏:‏ يدعه تركاً لأن معنى يدع ويترك واحدٌ‏.‏

  باب ما لحقته هاء التأنيث عوضا لما ذهب

وذلك قولك‏:‏ أقمته إقامةً واستعنته استعانة وأريته إراءة‏.‏

وإن شئت لم تعوض وتركت الحروف على الأصل‏.‏

قال الله عز وجل‏:‏ ‏"‏ لا تلهيهم تجارةٌ ولا بيعٌ عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة ‏"‏‏.‏

وقالوا‏:‏ اخترت اختياراً فلم يلحقوه الهاء لأنهم أتموه‏.‏

وقالوا‏:‏ أريته إراءً مثل أقمته إقاماً لأن من كلام العرب أن يحذفوا ولا يعوضوا‏.‏

وأما عزيت تعزيةً ونحوها فلا يجوز الحذف فيه ولا فيما أشبهه لأنهم لا يجيئون بالياء في شيءٍ من بنات الياء والواو مما هما فيه في موضع اللام صحيحتين‏.‏

وقد يجيء في الأول نحو الإحواذ والاستحواذ ونحوه‏.‏

ولا يجوز الحذف أيضاً في تجزئةٍ وتهنئةٍ وتقديرهما تجزعةٌ وتهنعةٌ لأنهم ألحقوهما بأختيهما من بنات الياء والواو كما ألحقوا أرأيت باب ما تكثر فيه المصدر من فعلت فتلحق الزوائد وتبنيه بناءً آخر كما أنك قلت في فعلت فعلت حين كثرت الفعل‏.‏

وذلك قولك في الهذر‏:‏ التهذار وفي اللعب‏:‏ التلعاب وفي الصفق‏:‏ التصفاق وفي الرد‏:‏ الترداد وفي الجولان‏:‏ التجوال والتقتال والتسيار‏.‏

وليس شيء من هذا مصدر فعلت ولكن لما أردت التكثير بنيت المصدر على هذا كما بنيت فعلت على فعلت‏.‏

وأما التبيان فليس على شيء من الفعل لحقته الزيادة ولكنه بني هذا البناء فلحقته الزيادة كما لحقت الرئمان وهو من الثلاثة وليس من باب التقتال ولو كان أصلها من ذلك فتحوا التاء فإنما هي من بينت كالغارة من أغرت والنبات من أنبت‏.‏

ونظيرها التلقاء وإنما يريدون اللقيان‏.‏

وقال الراعي‏:‏ أملت خيرك هل تأتي مواعده فاليوم قصر عن تلقائك الأمل

  باب مصادر بنات الأربعة

فاللازم لها الذي لا ينكسر عليه أن يجيء على مثال فعللةٍ‏.‏

وكذلك كل شيء ألحق من بنات الثلاثة بالأربعة وذلك نحو‏:‏ دحرجته دحرجةً وزلزلته زلزلةً وحوقلته حوقلةً وزحولته زحولةً‏.‏

وإنما ألحقوا الهاء عوضاً من الألف التي تكون قبل آخر حرف وذلك ألف زلزالٍ‏.‏

وقالوا زلزلته زلزالاً وقلقلته قلقالاً وسرهفته سرهافاً كأنهم أرادوا مثال الإعطاء والكذاب لأن مثال دحرجت وزنتها على أفعلت وفعلت‏.‏

وقد قالوا الزلزال والقلقال ففتحوا كما فتحوا أول التفعيل فكأنهم حذفوا الهاء وزادوا الألف في الفعللة‏.‏

والفعللة ههنا بمنزلة المفاعلة في فاعلت والفعلال بمنزلة الفيعال في فاعلت وتمكنهما ههنا كتمكن ذينك هناك‏.‏

وأما ما لحقته الزيادة من بنات الأربعة وجاء على مثال استفعلت‏.‏

وما لحق من بنات الثلاثة ببنات الأربعة فإن مصدره يجيء على مثال استفعلت‏.‏

وذلك احرنجمت احرنجاماً واطمأننت اطمئناناً‏.‏

والطمأنينة والقشعريرة ليس واحدٌ منهما بمصدر على اطمأننت واقشعررت كما أن النبات ليس بمصدر على أنبت فمنزلة اقشعررت من القشعريرة واطمأننت من الطمأنينة بمنزلة أنبت من النبات‏.‏

ورميته رمية من هذا الباب فنظير فعلت فعلةً من هذه الأبواب أن تقول‏:‏ أعطيت إعطاءةً وأخرجت إخراجةً‏.‏

فإنما تجيء بالواحدة على المصدر اللازم للفعل‏.‏

ومثل ذلك افتعلت افتعالةً وما كان على مثالها وذلك قولك‏:‏ احترزت اخترازةً واحدةً وانطلقت انطلاقةً واحدةً واستخرجت استخراجةً واحدة‏.‏

وما جاء على مثاله وزنته بمنزلته وذلك قولك‏:‏ اقعنسس اقعنساسةً واغدودن اغديدانةً‏.‏

وكذلك جميع هذا‏.‏

وفعلت بهذه المنزلة تقول‏:‏ عذبته تعذيبةً وروحته ترويحةً‏.‏

والتفعل كذلك وذلك قولهم‏:‏ تقلبت تقلبةً واحدةً‏.‏

وكذلك التفاعل تقول‏:‏ تغافل تغافلةً واحدة‏.‏

وأما فاعلت فإنك إن أردت الواحدة قلت‏:‏ قاتلته مقاتلةً وراميته مراماةً تجيء بها على المصدر اللازم الأغلب‏.‏

فالمقاتلة ونحوها بمنزلة الإقالة والاستغاثة لأنك لو أردت الفعلة في هذا لم تجاوز لفظ المصدر لأنك تريد فعلةً واحدةً فلابد من علامة التأنيث‏.‏

ولو أردت الواحدة من اجتورت فقلت تجاورةٌ جاز لأن المعنى واحد فكما جاز تجاوراً كذلك يجوز هذا‏.‏

وكذلك يجوز جميع هذا الباب‏.‏

ومثل ذلك يدعه تركةً واحدةً‏.‏

  باب نظير ما ذكرنا من بنات الأربعة وما ألحق ببنائها من بنات الثلاثة

فتقول‏:‏ دحرجته دحرجةً واحدة وزلزلته زلزلةً واحدة تجيء بالواحدة على المصدر الأغلب الأكثر‏.‏

وأما ما لحقته الزوائد فجاء على مثال استفعلت فإن الواحدة تجيء على مثال استفعالةٍ وذلك قولك‏:‏ احرنجمت احرنجامةً واقشعررت اقشعرارة‏.‏